تحلّ اليوم الخميس الموافق لـ 20 رمضان، ليالٍ هي أفضل ليالي الدّنيا، وساعاتها هي أغلى وأنفع وأمتع السّاعات، إنّها ليالي العشر الأواخر من رمضان، تاج رمضان وغرّته، وهبة الرّحمن ومنحته.. ليال تهبّ فيها نفحات الرّحمة والغفران، وتوزّع فيها أوسمة الرّضوان والعتق من النّيران.
ليالٍ العشر الأواخر يكون فيها العبد المؤمن أقرب ما يكون إلى رضوان ربّه، وإلى بلوغ غايته وتحقيق مطلبه، قد يجتهد فيها عبد من عباد الله مخلصا لربّه، فيَكتب له رضوانه فلا يسخط عليه أبدا، ليال قد تتغيّر فيها حياتنا من حال إلى حال، وتتفجّر فيها الحجارة التي نحمل في صدورنا، وتلين فيها قلوبنا.
ليالٍ كان نبينا صلى الله عليه وسلم يخصها بعناية واجتهاد كبيرين، ويجتهد فيها ما لا يجتهد في غيرها من العبادة والحرص على فعل الخيرات.
العشر الأواخر من رمضان، هي فرصة لاستنزال الأرزاق ونيل الأمنيات، وبثّ الشّكاوى بين يدي قيّوم الأرض والسّماوات، في ليالٍ تفتّح فيها أبواب السّماوات، ولا يردّ الله فيها سائلا رفع يديه بالدّعوات، فقط ركعات قلائل في جوف الليل، وخشوع يعتصر القلب، ودموع تغسل العين، وتذلّل وانكسار، وتوبة واعتراف بالذّنب والتّقصير، ودعاء يوافق فيه القلب اللّسان، دعاء يوجّه مباشرة إلى ملك الملوك ومن بيده خزائن الأرض والسّماوات، إلى من يغضب من عبده إذا لم يدعُه ويفرح إذا دعاه.