الكلمة الكاملة للوزير الأول ووزير المالية أيمن بن عبد الرحمان لدى زيارته لجناح الجزائر في معرض دبي
ياسين عزريني
يُسعدني أيَّما سعادة، أن أشارككم اليوم احتفالية إحياء يوم الجزائر في واحدة من أهم التظاهرات الدولية، "إكسبو 2020 دبي"، التي أبدع أشقاؤنا في الإمارات العربية المتحدة في تنظيمها، وجعلها وجهة الملايين، بالرغم من السياق الصحي الحالي.
وقبل أن أسترسل في هذه الكلمة، أود أن أهنئ الإمارات العربية المتحدة، قيادة وشعبا، على استضافة وتنظيم هذا المعرض الدولي، بكل جدارة واقتدار، لتكون أول بلد عربي يحظى بهذا الشرف، وليكون حلول المعرض على أرض بلد شقيق، مدعاة فخر للأمة العربية، التي ترى في ذلك بداية ملهمة لكل من يطمح إلى تنظيم مَواعيد عَالَمِيّةٍ كَبيرَة.
كما أشكر القائمين على هذا المعرض على كل التسهيلات التي أُتيحت لبلادي للمشاركة بجناح "رحلة الحياة"، لتتقاسم مع العالم ثقافتها ومحطات تاريخها العريق وطموحاتها المستقبلية.
إن شعار "تواصل العقول وصنع المستقبل" الذي أُختير لهذا المعرض، يستحق كل الإشادة والتنويه، كونه ينم عن نظرة ثاقبة ورؤية صائبة للتحديات التي يواجهها العالم اليوم، أين نحتاج جميعنا إلى تظافر الأفكار من أجل ابتكار حلول مبدعة لمستقبل واعد، يكون للجميع فيه مكانه، وحصته من النمو المنشود، وهو ما يتجلى في المحاور الرئيسية الثلاثة لتصور هذا المعرض، التي توصي باستدامة الموارد، وتطوير التنقل لربط الأشخاص والأسواق وخلق فرص جديدة لنمو الاقتصاد.
وهو أيضا دعوة صريحة للتقارب والتعاون، في سياق تنامت فيه التوجهات الانفرادية، بفعل السياقات الصحية والاقتصادية الراهنة، في حين أن مواجهتها تستدعي، عكس ذلك تماما، مزيداً من التعاضد والتعاون. فدون ذلك، لن يكون أي منا في منأى عن مجمل التحديات الحالية، لاسيما في القرية العالمية التي أصبحنا نعيش فيها اليوم.
وهي رؤية تتفق بلادي تماماً معها، عندما بادرت في سنة 2017 بلائحة اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، لإقرار يوم 16 ماي من كل سنة، يوما دوليا للعيش معاً في سلام، وفاء منها لقيم التعايش والاحترام المتبادل التي تؤمن بها، ومساهمة منها في تقارب الثقافات، من أجل عالم يسوده السلام والتضامن والرفاه.
إن جناح الجزائر الذي يقع في منطقة التنقل، يأخذ زائريه في "رحلة الحياة"، من جنوب البلاد إلى شمالها، مسلطاً الضوء على محطات تاريخية فذة، تعكس العمق الأنثروبولوجي للجزائر، وهي التي شهدت فجر الإنسانية، محتضنة في عين بوشريط أقدم تواجد بشري منذ مليونين وأربعمئة ألف سنة (2.4 مليون سنة)، لتكون عن حق، مهداً للإنسانية.
كما يبرز الجناح المَواقع السياحية للوجهة الجزائرية في جوانبها المتعددة، وكذا تنوع التعابير الثقافية والفنية، بما يثري الإشعاع الثقافي والسياحي، ليس فقط ترويجا لصورتها، وإنما مساهمة منها أيضا في إثراء معرض دبي 2020، وإنجاحه، فنجاحه هو نجاح لنا أيضا، وتلكم هي قناعتنا.
وفي هذا الجناح أيضاً، صورة معبرة عن رؤية الجزائر المستقبلية والاستشرافية، التي تضع التكامل والاندماخ الإقليميين في صلب اهتماماتها، قناعة منها بمزايا هذا التصور التعاوني في التنمية والاقتصاد وخلق فرص النمو، وهو ما يُجسده الطريق العابر للصحراء، وهو أيضا رحلة اقتصادية، تُشكل إضافة حقيقية إلى مسار الاندماخ في إفريقيا، ومُحركاً فعالاً للتنمية والاستثمار في المنطقة برمتها.
إن بلادي قد باشرت إصلاحات سياسية واقتصادية هامة وغير مسبوقة، بقيادة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، واضعة نصب أعينها استغلال مواردها المادية والبشرية، من أجل ترقية الاستثمار وتنمية الاقتصاد والنهوض بجميع القطاعات.
وليس شركاء الجزائر ببعيد عن هذه الأهداف التي سطرتها الجزائر، ومن بينهم دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، التي تربطها بالجزائر علاقات اقتصادية متنوعة وثرية، يعمل البلدان بكل عزم على تعزيزها، لاسيما في مجال الاستثمار، بما يحقق طموحاتهما المشتركة في مزيد من النمو والرفاه، وبما يُوظف قدراتهما الهائلة.
وإذ تفصلنا أيام معدودة على إحياء الإمارات العربية المتحدة لخمسينية تأسيس الاتحاد، فإنه يسرني أن أتوجه إلى هذا البلد الشقيق، قيادة وحكومة وشعباً، بأحر التهاني وأصدق الأمنيات بمزيد من الرقي والازدهار، على الخطى المشرقة التي رسمت إمارات اليوم، بحاضرها الرائد ومستقبلها الواعد.
وفي الختام، أود أن أجدد شكري لكم جميعاً على حضوركم معنا احتفالية إحياء يوم الجزائر، متمنياً، في قادم الأشهر، مزيداً من الإشعاع لإكسبو 2020 دبي، وآملاً أن تتواصل العقول، ليُصنع مستقبل مشرق للجميع، في تجسيد لرسالة هذه التظاهرة، التي يكرس حضورنا اليوم، انضمامنا إليها ودعمنا لتحقيقها العالم أجمع .