حوار مع وزير الاتصال، عمار بلحيمر
ديزاد نيوز - نسيم عبدالوهاب
خصّ وزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة، البروفيسور عمار بلحيمر، موقع "ديزاد نيوز" بحوار حصري، تطرق فيه لمختلف المستجدات الأخيرة في البلاد.
وفيما يلي الناص الكامل للحوار:
01. السيد الوزير، أحيت الجزائر منذ أيام الذكرى الثانية لانطلاق الحراك الشعبي.. كيف تقيمون مسار عامين من عمر "الجزائر الجديدة"..؟
أهم الإلتزامات التي وعد بها رئيس الجمهورية منذ اعتلاءه سدة الحكم تم تجسيدها وهي في طريق التنفيذ سواء سياسيا أو إقتصاديا أو إجتماعيا لاسيما تلك التي تتعلق بأمن واستقرار البلاد للحفاط على سيادة القرار في إطار مؤسساتي ثابت.
على الصعيد السياسي تم تشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات الرئاسية التي اختار فيها الشعب رئيسا للجمهورية وشرعت في العمل بمنهج سياسي جديد وممارسة مختلفة عن سابقاتها.
كما تم مؤخرا حل المجلس الشعبي الوطني تمهيدا لإجراء انتخابات تشريعية ومحلية تهدف لإعطاء نفس جديد للكفاءات الشابة وأصحاب الشهادات و عنصري الشباب و النساء، والتحضيرات جارية على قدم وساق لإنجاح هذه الإستحقاقات.
كما أقر قانون الانتخابات الجديد جملة من الضمانات وطريقة تصويت حديثة إذ تنص المادة 189 منه على : "الاقتراع النسبي على القائمة المفتوحة وبتصويت تفضيلي دون مزج"، كذلك مراعاة مبدأ المناصفة بين النساء والرجال، و تشجيع مشاركة الشباب في الحياة السياسية للبلاد بتخصيص على الأقل ثلث الترشيحات للمترشحين الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة، وأن يكون ثلث مترشحي القائمة يملكون مستوى تعليمي جامعي.
وتتمة لما سلف ذكره، يتضمن مشروع قانون الإنتخابات الجديد أيضا نقطة مهمة وهي المحافظة على المال بعيدا عن أي تأثير على الإختيار الحر للناخبين باعتبار هذا الإجراء يساهم في التغيير الجذري للعملية الإنتخابية من خلال الوسائل السلمية و المؤسساتية، حيث لايجب أن توجه الأموال في اختيار الناخب أو تزييفه.
إقتصاديا، واصلت السلطات المحلية محاربة الفساد والشروع في تطبيق النظرة الجديدة الرامية إلى هيكلة الاقتصاد الوطني وبناء إقتصاد قوي ومتين بتشجيع الصادرات والتقليص من حجم الواردات مستهدفة بذلك قيمة 05 مليار دولار كمرحلة أولى.
والجزائر الجديدة لا تبنى في يوم واحد أو سنة فالعمل متواصل على كل الأصعدة بجهود المخلصين والخيرين في هذا الوطن لبناء الجزائر الجديدة.
02. البعض ينادي اليوم بإستمرار المسيرات مجددا بمطالب جديدة بعد توقف دام حوالي عام إثر انتشار وباء كورونا.. كيف تنظرون لهذه الدعوات؟
حق التظاهر مكفول قانونا حسب المادة 49 من الدستور في إطار القانون الذي يحدّد شروط ممارسته. والسلطات الأمنية ترافق هذه التظاهرات و المسيرات إلا أنه لم يعد خفيا أن الوضع مختلف عن الحراك الأصيل الذي خرج فيه الشعب برمته مطالبا بالتغيير و محققا بذلك معظم مطالبه السياسية.
أما ما أسميه « التحراك الجديد » فلا يختلف فيه إثنان أن الدعوات التي تحدثتم عنها هي دعوات كلها تأتي من الخارج وأطراف معلومة ومعروفة بعلاقاتها المشبوهة مع دول وأطراف معادية للجزائر، ومنها كذلك بقايا الحركات الإرهابية و الإنفصالية التي تهدد وحدة الوطن واستقراره باعتماد شعارات مغرضة لها خلفيات خبيثة.
أما سياسيا، فهذا التجمع لم يعد يحظى بإجماع داخلي وخير دليل هو المواقف التي عبرت عنها عديد الأحزاب والشخصيات السياسية والتي انخرطت في مسعى الحوار الذي بادر به رئيس الجمهورية معبرة عن استعدادها للمشاركة في الإستحقاقات المقبلة.
ننصح العديد ممن يريد اليوم تجديد تجربة التسعينات وأقصد بالضبط بقايا القوى الرجعية الظلامية الإنتقامية الإطلاع على نص المادة 46 من الأمر 06.01 المؤرّخ في 27 فيفري 2006 والمتضمّن تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية.
"يعاقب بالحبس من ثلاث (3) الى خمس سنوات(5) وبغرامة من250.000 دج الى 500.000 دج، كلّ من يستعمل، خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطنية أو يعتد بها المساس بمؤسسات الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، أو لإضعاف الدولة، أو للإضرار بكرامة أعوانها الذين خدموها بشرف، او لتشويه سمعة الجزائر في المحافل الدولية.
تباشر النيابة العامّة المتابعات الجزائية تلقائيا.
في حالة العود، تضاعف العقوبة المنصوص عليها في المادّة".
03. الجزائر مقبلة على إجراء انتخابات تشريعية.. هل تضمن الحكومة استقلالية سلطة الانتخابات ونزاهة هذا الموعد؟
النزاهة تضمنها السلطة المستقلة لمراقبة الانتخابات وقد ظهرت أولى بوادرها مؤخرا من خلال الإستفتاء على تعديل الدستور حيث قدمت نتائجها الحقيقية و التي قدرت ب 23.7%، أما النزاهة فيضمنها قانون الانتخابات الأخير الذي أعطى للسلطة الوطنية لمراقبة الانتخابات كافة الصلاحيات التنظيمية والإدارية وعليها تحمل كافة مسؤولياتها في ضمان النزاهة و الشفافية في الانتخابات.
04. هل صحيح ما يذهب إليه البعض بأن معارضي إجراء الانتخابات هم أولئك الذين لا حظّ لهم من خلال الصندوق؟ !
المعارضة تعتبر من المكونات التي تساهم في التفاعل وتنشيط الحياة السياسية، ومن يدعي أنه يمثل الشعب فما عليه إلا تأكيد ذلك عبر الصندوق.
والجزائر اليوم في مرحلة جديدة قد تفرز نخبة سياسية لما بعد الحراك، وما على الشعب إلا اختيار من يمثله و لمن يحظى بثقته.
05. التعديل الحكومي الأخير تعرض لانتقادات من طرف بعض السياسيين من بينهم أولئك الذين استقبلهم الرئيس مؤخرا.. والذين كانوا يتوقعون تعديلا أعمق.. لماذا اكتفى الرئيس بتعديل جزئي؟
الجزائر تمر حاليا بظرف خاص يتمثل في التحضير لانتخابات محلية و تشريعية، وهو الأمر الذي لا يسمح بإجراء تغييرات و تحولات عميقة مثلما أكده رئيس الجمهورية في لقاءه الدوري الأخير مع ممثلي وسائل الإعلام.
06. بعض الفاعلين السياسيين يتهمون الحكومة بغلق المجال الإعلامي وحرية التعبير.. ما ردكم؟
الجزائر الجديدة تولي أهمية أساسية لحرية الصحافة والإعلام شريك أساسي للدولة وهو يعتبر المحرك الأساس للتنمية والناقل لانشغالات المواطنين وبالتالي فصلاحه يعني صلاح الأمة وتنظيمه يندرج ضمن أولوياتنا لتقويم أداء مؤسسات الدولة ومرافقة جهودها الرامية إلى تحسين ظروف معيشة المواطن وعليه فإن أي محاولة لاستغلال مهنة الصحافة أو أي سلوك يخرج قطار الاعلام عن السبيل الصحيح نعتبره مساسا بحق المواطن في المعلومة الصحيحة وفي هذا الإطار نعمل على إعادة النظر في المنظومة التشريعية وتمكين الصحفيين الحقيقيين من العمل في ظروف أفضل وإبعاد عصابات
المال عن المهنة النبيلة بالطرق القانونية.
ما هو الجديد بخصوص ورشتي تنظيم وتقنين عمل الإعلام الإلكتروني والقنوات الخاصة؟
منذ صدور المرسوم التنفيذي رقم 20-332 والمحدد لكيفيات ممارسة نشاط الإعلام عبر الأنترنيت ونشر الرد والتصحيح، لا تزال مصالح وزارة الإتصال تستقبل وتدرس يوميا الملفات المتعلقة بالمواقع الإلكترونية الحديثة النشأة وتعمل على تقديم كافة التسهيلات للمؤسسات الناشئة الناشطة.
07. قانون الاشهار.. متى سيرى النور؟
بالنسبة لقانون الاشهار، أعتقد أن الأمور ستتغير قريبا ونحن نعمل على تطهير الساحة من الدخلاء، وهنا أطمئنكم بأن الأمور تسير في الاتجاه الجيد لان الرسالة وصلت للجميع بأن المستقبل لابد أن يكون فيه المشهد نظيفا والرؤية واضحة في تسيير المال العام وكل القوانين ستكون جاهزة بعد الانتهاء من مرحلة التشاور مع المهنيين وأهل الاختصاص.
فبالرغم من الحركية الاجتماعية والاقتصادية لنشاط الإشهار، إلا أنه يفتقر لحد الآن إلى إطار تشريعي وتنظيمي موحد إذ تحكمه جملة من النصوص الخاصة بقطاعات مختلفة وهو وضع يستدعي التدارك لاسيما في ظل تطور عملية الإشهار بفعل الانفتاح الاقتصادي الواسع واستحداث أساليب عمل جديدة تقوم على الرقمنة.
ولسد هذا الفراغ القانوني وتداركه توشك الوزارة على الانتهاء من إعداد مشروع تمهيدي لقانون يتعلق بالأنشطة الإشهارية.
فأحكام المشروع إضافة إلى أنها تكرس حرية كل معلن في اختيار الدعامة التي يبث من خلالها رسائله الإشهارية فإنها لا تفرق بين الإشهار العمومي والخاص.
كما أن الوكالة الوطنية للنشر والاشهار قد شرعت بصفتها ملكية خاصة بالدولة، في تكييف الاستفادة من الاعلانات العمومية، مع قوانين الجمهورية من خلال مجموعة من المعايير الانتقالية، 15 في المجموع و التي ستدخل حيز التطبيق قريبا في انتظار في انتظار المصادقة على المرسوم التنفيذي المتعلق بهذا النشاط.
08. أعلنتم مؤخرا عن إعادة تفعيل صندوق دعم الصحافة المُجمد منذ 2014.. هل يشمل ذلك أيضا المواقع الإلكترونية؟
إعادة تفعيل صندوق دعم الصحافة هو أحد ورشاتنا المسطرة ضمن مخطط عمل القطاع.
إن اعادة تفعيل الصندوق هده والتي اقرها الوزير الاول على اساس اقتراح قدمناه، تهدف الى مساعدة وسائل الاعلام الخاصة على تجاوز صعوباتها المالية التي عقدها أكثر توقف النشاطات بسبب وباء كورونا كوفيد-1
09. الرئيس تبون وفي سابقة في الجزائر قام بإجراء عدة حوارات بمشاركة قنوات خاصة وجرائد وطنية.. هل يمكن أن نرى على المدى القريب.. الرئيس وهو يُجري حوارا مع ممثلي المواقع الالكترونية؟
الإتصال أحد دواليب الجمهورية الجديدة من خلال إنشاء بيئة ملائمة لتعزيز احترافية وسائل الإعلام وخير دليل على ذلك هي تلك اللقاءات الدورية لرئيس الجمهورية مع ممثلي الصحافة الوطنية، ففي ظل التطورات التكنولوجية الحاصلة، التحدي اليوم هو الإعلام الإلكتروني الذي توليه الدولة أهمية كبرى باعتباره مستقبل الإعلام في الجزائر.
إن قطاع الصحافة الإلكترونية من بين القطاعات التي وعد رئيس الجمهورية بتنظيمها أكثر واعطائها الفرصة كغيرها من وسائل الإعلام الأخرى، وهو ما نعمل حاليا على تنظيمه و تقنينه وفق الأطر و الضوابط القانونية المحكمة لذلك.
10. ملف السيارات ما يزال يثير الكثير من الجدل.. متى نرى انفراجا لأزمة أسعار المركبات في الجزائر؟
إن اللجنة القطاعية المختصة و المكلفة بهذا الملف تواصل عملها وفق الشروط التي من شأنها ضمان تزويد السوق الوطنية بما تحتاجه من مركبات وبالخصوصية المطلوبة في حماية المواطن والاقتصاد الوطني،
والحكومة قامت بإعادة بعث الملف بما يخدم الصالح العام ويؤسس لصناعة حقيقية للسيارات على اعتبار أن الترخيص بالاستيراد مشروط بإنشاء وحدات إنتاجية بنسبة إدماج عالية في المستقبل وهنا أشير إلى أن المناخ الاستثماري سيكون مهيئا بجملة النصوص القانونية التي تعمل الحكومة بمختلف قطاعاتها على إعدادها وإصدارها بالتشاور مع جميع الشركاء، لان اللجنة المكلفة بدراسة الخيار توصلت إلى صعوبة تحقيق الاهداف الاستراتيجية للدولة ببناء قاعدة صناعية بالتزامن مع فتح السوق الوطنية على منتجات مستعملة يتم استيرادها من قبل المواطن مباشرة .
11. عرفت الجزائر مؤخرا تسجيل أولى حالات السلالة البريطانية المتحورة لفيروس كورونا.. المواطنون متخوفون من عودة فرض الحجر المنزلي المشدد.. ماذا تقولون للرأي العام في هذا الخصوص؟
من هذا المنبر نجدد دعوتنا لكافة المواطنين بضرورة الإلتزام والتقيد التام بإجراءات الوقاية و السلامة مع الأخد بكافة الإحتياطات اللازمة لتفادي انتشار الفيروس مرة أخرى أما بالنسبة لسؤالكم حول عودة فرض الحجر المنزلي المشدد، فالأمر هنا يتعلق بقرار اللجنة العلمية وما تصدره من قرارات في هذا الخصوص فهي الهيئة الوحيدة المخولة باتخاد مثل هذه القرارات التي تكون دوما في صالح الوطن و المواطن.
12. تحذرون باستمرار من حرب إلكترونية تستهدف الجزائر.. البعض يقول بأن هنالك مبالغة في الأمر.. ما ردكم؟
الرهان اليوم يتعلق بالإعلام الرقمي والجزائر مستهدفة وتتعرض باستمرار لحرب الكترونية شرسة من طرف جهات تكن عداءا جهنميا للجزائر .
الجريمة الإلكترونية أخطر من الحروب التقليدية، التي تكون فيها ملامح وأهداف العدو واضحة، واستهداف الجزائر إلكترونياً خلال السنوات الأخيرة واضح ، حيث يتم التركيز على استهداف مؤسسات الدولة وعلى رأسها مؤسسة الجيش، ومحاولة غسل الأدمغة".
إن هذه الحملات المستمرة التي يقوم بها معارضون وناشطون يقيمون في الخارج هدفها واضح وهو زعزعة استقرار الجزائر فجل المواقع الالكترونية في الجزائر تتعرض للهجمات و الاختراقات الالكترونية، لكون " 85% من المواقع لا تتوفر على الحماية وأدوات التأمين التي يجب أن تتعدد بتعدد أساليب الجريمة الالكترونية".
بالتالي، فالحل لمواجهة هذه الوضعية يقتضي بناء ما يعرف بـ"سيادة سيبرانية" للدولة على فضائها الإلكتروني، وتأمين الشبكة الافتراضية تكريساً لسيادة الدولة على مجال الرقمنة، وإنتاج محتوى رقمي وطني
13. التقرير الذي قدمه المؤرخ بنجامان ستورا للرئيس الفرنسي أثار انتقادات واسعة في الجزائر.. ما موقفكم الرسمي أولا من هذا التقرير؟ وهل يمكن أن نقول أن مسعى مصالحة الذاكرة بين البلدين فشل قبل أن يبدأ وهو غير قابل للتحقق حاليا أمام تمسك الطرف الفرنسي بنظرته الأحادية التي تساوي بين الضحية والجلاد؟
ملف الذاكرة يعالج حاليا على مستوى عال من الدولتين الجزائرية والفرنسية بعيدا عن لوبيات الجزائر-فرنسية والجنة الضائعة كما قال السيد رئيس الجمهورية وأيضا بعيدا عن الشعبوية.
أما تقرير بنجامين ستورا فهو يعني الفرنسيون وحدهم وأن ستورا معين من قبل الرئيس الفرنسي.
ومع الوقت ستظهر نتائج العمل الذي ستقوم به الجزائر في هذا الملف.
14. هناك أصوات في الجزائر وفي تونس تطرح فكرة إعادة إحياء الاتحاد المغاربي ليكون ثلاثيا أو رباعيا بين الجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا دون المغرب الذي فضّل التحالف مع الكيان الإسرائيلي؟ ما رأيكم في هذا الطرح؟
رغم الأخطاء السياسية الخطيرة التي ارتكبها نظام المخزن، إلا أن المغرب الشقيق بشعبه الأصيل لا يزال يشكل وحدة أساسية من دول إتحاد المغرب العربي، والذي بدونه لن يكتمل هذا الصرح المغاربي شأنه في ذلك شأن تونس، ليبيا، موريطانيا والصحراء الغربية.
أملنا كبير في الشعب المغربي الشقيق بأن يغير هذه الخطيئة السياسية التي ارتكبها نظام المخزن بتحالفه مع نظام وكيان عنصري مغتصب و محتل لأرض عربية ويقوم على عداوة تاريخية للأمة العربية و الإسلامية.
15. كلمة أخيرة
في الأخير أشكركم على هذه الفرصة وأجدّد دعوتي للشعب الجزائري الوفي لمبادئه النوفمبرية لاستغلال فرص البناء و التشييد، وأتوجه بالنداء إلى كل غيور على الوطن، بالإلتفاف حول القضايا العادلة والتأسيس للجزائر التي يحلم ويرغب بها الشعب الجزائري.
حتى ولو اختلفنا في الرأي والقناعات فلابد أن نجعل من مصلحة البلد أولوية الأولويات.
وفيما يلي الناص الكامل للحوار:
01. السيد الوزير، أحيت الجزائر منذ أيام الذكرى الثانية لانطلاق الحراك الشعبي.. كيف تقيمون مسار عامين من عمر "الجزائر الجديدة"..؟
أهم الإلتزامات التي وعد بها رئيس الجمهورية منذ اعتلاءه سدة الحكم تم تجسيدها وهي في طريق التنفيذ سواء سياسيا أو إقتصاديا أو إجتماعيا لاسيما تلك التي تتعلق بأمن واستقرار البلاد للحفاط على سيادة القرار في إطار مؤسساتي ثابت.
على الصعيد السياسي تم تشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات الرئاسية التي اختار فيها الشعب رئيسا للجمهورية وشرعت في العمل بمنهج سياسي جديد وممارسة مختلفة عن سابقاتها.
كما تم مؤخرا حل المجلس الشعبي الوطني تمهيدا لإجراء انتخابات تشريعية ومحلية تهدف لإعطاء نفس جديد للكفاءات الشابة وأصحاب الشهادات و عنصري الشباب و النساء، والتحضيرات جارية على قدم وساق لإنجاح هذه الإستحقاقات.
كما أقر قانون الانتخابات الجديد جملة من الضمانات وطريقة تصويت حديثة إذ تنص المادة 189 منه على : "الاقتراع النسبي على القائمة المفتوحة وبتصويت تفضيلي دون مزج"، كذلك مراعاة مبدأ المناصفة بين النساء والرجال، و تشجيع مشاركة الشباب في الحياة السياسية للبلاد بتخصيص على الأقل ثلث الترشيحات للمترشحين الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة، وأن يكون ثلث مترشحي القائمة يملكون مستوى تعليمي جامعي.
وتتمة لما سلف ذكره، يتضمن مشروع قانون الإنتخابات الجديد أيضا نقطة مهمة وهي المحافظة على المال بعيدا عن أي تأثير على الإختيار الحر للناخبين باعتبار هذا الإجراء يساهم في التغيير الجذري للعملية الإنتخابية من خلال الوسائل السلمية و المؤسساتية، حيث لايجب أن توجه الأموال في اختيار الناخب أو تزييفه.
إقتصاديا، واصلت السلطات المحلية محاربة الفساد والشروع في تطبيق النظرة الجديدة الرامية إلى هيكلة الاقتصاد الوطني وبناء إقتصاد قوي ومتين بتشجيع الصادرات والتقليص من حجم الواردات مستهدفة بذلك قيمة 05 مليار دولار كمرحلة أولى.
والجزائر الجديدة لا تبنى في يوم واحد أو سنة فالعمل متواصل على كل الأصعدة بجهود المخلصين والخيرين في هذا الوطن لبناء الجزائر الجديدة.
02. البعض ينادي اليوم بإستمرار المسيرات مجددا بمطالب جديدة بعد توقف دام حوالي عام إثر انتشار وباء كورونا.. كيف تنظرون لهذه الدعوات؟
حق التظاهر مكفول قانونا حسب المادة 49 من الدستور في إطار القانون الذي يحدّد شروط ممارسته. والسلطات الأمنية ترافق هذه التظاهرات و المسيرات إلا أنه لم يعد خفيا أن الوضع مختلف عن الحراك الأصيل الذي خرج فيه الشعب برمته مطالبا بالتغيير و محققا بذلك معظم مطالبه السياسية.
أما ما أسميه « التحراك الجديد » فلا يختلف فيه إثنان أن الدعوات التي تحدثتم عنها هي دعوات كلها تأتي من الخارج وأطراف معلومة ومعروفة بعلاقاتها المشبوهة مع دول وأطراف معادية للجزائر، ومنها كذلك بقايا الحركات الإرهابية و الإنفصالية التي تهدد وحدة الوطن واستقراره باعتماد شعارات مغرضة لها خلفيات خبيثة.
أما سياسيا، فهذا التجمع لم يعد يحظى بإجماع داخلي وخير دليل هو المواقف التي عبرت عنها عديد الأحزاب والشخصيات السياسية والتي انخرطت في مسعى الحوار الذي بادر به رئيس الجمهورية معبرة عن استعدادها للمشاركة في الإستحقاقات المقبلة.
ننصح العديد ممن يريد اليوم تجديد تجربة التسعينات وأقصد بالضبط بقايا القوى الرجعية الظلامية الإنتقامية الإطلاع على نص المادة 46 من الأمر 06.01 المؤرّخ في 27 فيفري 2006 والمتضمّن تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية.
"يعاقب بالحبس من ثلاث (3) الى خمس سنوات(5) وبغرامة من250.000 دج الى 500.000 دج، كلّ من يستعمل، خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطنية أو يعتد بها المساس بمؤسسات الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، أو لإضعاف الدولة، أو للإضرار بكرامة أعوانها الذين خدموها بشرف، او لتشويه سمعة الجزائر في المحافل الدولية.
تباشر النيابة العامّة المتابعات الجزائية تلقائيا.
في حالة العود، تضاعف العقوبة المنصوص عليها في المادّة".
03. الجزائر مقبلة على إجراء انتخابات تشريعية.. هل تضمن الحكومة استقلالية سلطة الانتخابات ونزاهة هذا الموعد؟
النزاهة تضمنها السلطة المستقلة لمراقبة الانتخابات وقد ظهرت أولى بوادرها مؤخرا من خلال الإستفتاء على تعديل الدستور حيث قدمت نتائجها الحقيقية و التي قدرت ب 23.7%، أما النزاهة فيضمنها قانون الانتخابات الأخير الذي أعطى للسلطة الوطنية لمراقبة الانتخابات كافة الصلاحيات التنظيمية والإدارية وعليها تحمل كافة مسؤولياتها في ضمان النزاهة و الشفافية في الانتخابات.
04. هل صحيح ما يذهب إليه البعض بأن معارضي إجراء الانتخابات هم أولئك الذين لا حظّ لهم من خلال الصندوق؟ !
المعارضة تعتبر من المكونات التي تساهم في التفاعل وتنشيط الحياة السياسية، ومن يدعي أنه يمثل الشعب فما عليه إلا تأكيد ذلك عبر الصندوق.
والجزائر اليوم في مرحلة جديدة قد تفرز نخبة سياسية لما بعد الحراك، وما على الشعب إلا اختيار من يمثله و لمن يحظى بثقته.
05. التعديل الحكومي الأخير تعرض لانتقادات من طرف بعض السياسيين من بينهم أولئك الذين استقبلهم الرئيس مؤخرا.. والذين كانوا يتوقعون تعديلا أعمق.. لماذا اكتفى الرئيس بتعديل جزئي؟
الجزائر تمر حاليا بظرف خاص يتمثل في التحضير لانتخابات محلية و تشريعية، وهو الأمر الذي لا يسمح بإجراء تغييرات و تحولات عميقة مثلما أكده رئيس الجمهورية في لقاءه الدوري الأخير مع ممثلي وسائل الإعلام.
06. بعض الفاعلين السياسيين يتهمون الحكومة بغلق المجال الإعلامي وحرية التعبير.. ما ردكم؟
الجزائر الجديدة تولي أهمية أساسية لحرية الصحافة والإعلام شريك أساسي للدولة وهو يعتبر المحرك الأساس للتنمية والناقل لانشغالات المواطنين وبالتالي فصلاحه يعني صلاح الأمة وتنظيمه يندرج ضمن أولوياتنا لتقويم أداء مؤسسات الدولة ومرافقة جهودها الرامية إلى تحسين ظروف معيشة المواطن وعليه فإن أي محاولة لاستغلال مهنة الصحافة أو أي سلوك يخرج قطار الاعلام عن السبيل الصحيح نعتبره مساسا بحق المواطن في المعلومة الصحيحة وفي هذا الإطار نعمل على إعادة النظر في المنظومة التشريعية وتمكين الصحفيين الحقيقيين من العمل في ظروف أفضل وإبعاد عصابات
المال عن المهنة النبيلة بالطرق القانونية.
ما هو الجديد بخصوص ورشتي تنظيم وتقنين عمل الإعلام الإلكتروني والقنوات الخاصة؟
منذ صدور المرسوم التنفيذي رقم 20-332 والمحدد لكيفيات ممارسة نشاط الإعلام عبر الأنترنيت ونشر الرد والتصحيح، لا تزال مصالح وزارة الإتصال تستقبل وتدرس يوميا الملفات المتعلقة بالمواقع الإلكترونية الحديثة النشأة وتعمل على تقديم كافة التسهيلات للمؤسسات الناشئة الناشطة.
07. قانون الاشهار.. متى سيرى النور؟
بالنسبة لقانون الاشهار، أعتقد أن الأمور ستتغير قريبا ونحن نعمل على تطهير الساحة من الدخلاء، وهنا أطمئنكم بأن الأمور تسير في الاتجاه الجيد لان الرسالة وصلت للجميع بأن المستقبل لابد أن يكون فيه المشهد نظيفا والرؤية واضحة في تسيير المال العام وكل القوانين ستكون جاهزة بعد الانتهاء من مرحلة التشاور مع المهنيين وأهل الاختصاص.
فبالرغم من الحركية الاجتماعية والاقتصادية لنشاط الإشهار، إلا أنه يفتقر لحد الآن إلى إطار تشريعي وتنظيمي موحد إذ تحكمه جملة من النصوص الخاصة بقطاعات مختلفة وهو وضع يستدعي التدارك لاسيما في ظل تطور عملية الإشهار بفعل الانفتاح الاقتصادي الواسع واستحداث أساليب عمل جديدة تقوم على الرقمنة.
ولسد هذا الفراغ القانوني وتداركه توشك الوزارة على الانتهاء من إعداد مشروع تمهيدي لقانون يتعلق بالأنشطة الإشهارية.
فأحكام المشروع إضافة إلى أنها تكرس حرية كل معلن في اختيار الدعامة التي يبث من خلالها رسائله الإشهارية فإنها لا تفرق بين الإشهار العمومي والخاص.
كما أن الوكالة الوطنية للنشر والاشهار قد شرعت بصفتها ملكية خاصة بالدولة، في تكييف الاستفادة من الاعلانات العمومية، مع قوانين الجمهورية من خلال مجموعة من المعايير الانتقالية، 15 في المجموع و التي ستدخل حيز التطبيق قريبا في انتظار في انتظار المصادقة على المرسوم التنفيذي المتعلق بهذا النشاط.
08. أعلنتم مؤخرا عن إعادة تفعيل صندوق دعم الصحافة المُجمد منذ 2014.. هل يشمل ذلك أيضا المواقع الإلكترونية؟
إعادة تفعيل صندوق دعم الصحافة هو أحد ورشاتنا المسطرة ضمن مخطط عمل القطاع.
إن اعادة تفعيل الصندوق هده والتي اقرها الوزير الاول على اساس اقتراح قدمناه، تهدف الى مساعدة وسائل الاعلام الخاصة على تجاوز صعوباتها المالية التي عقدها أكثر توقف النشاطات بسبب وباء كورونا كوفيد-1
09. الرئيس تبون وفي سابقة في الجزائر قام بإجراء عدة حوارات بمشاركة قنوات خاصة وجرائد وطنية.. هل يمكن أن نرى على المدى القريب.. الرئيس وهو يُجري حوارا مع ممثلي المواقع الالكترونية؟
الإتصال أحد دواليب الجمهورية الجديدة من خلال إنشاء بيئة ملائمة لتعزيز احترافية وسائل الإعلام وخير دليل على ذلك هي تلك اللقاءات الدورية لرئيس الجمهورية مع ممثلي الصحافة الوطنية، ففي ظل التطورات التكنولوجية الحاصلة، التحدي اليوم هو الإعلام الإلكتروني الذي توليه الدولة أهمية كبرى باعتباره مستقبل الإعلام في الجزائر.
إن قطاع الصحافة الإلكترونية من بين القطاعات التي وعد رئيس الجمهورية بتنظيمها أكثر واعطائها الفرصة كغيرها من وسائل الإعلام الأخرى، وهو ما نعمل حاليا على تنظيمه و تقنينه وفق الأطر و الضوابط القانونية المحكمة لذلك.
10. ملف السيارات ما يزال يثير الكثير من الجدل.. متى نرى انفراجا لأزمة أسعار المركبات في الجزائر؟
إن اللجنة القطاعية المختصة و المكلفة بهذا الملف تواصل عملها وفق الشروط التي من شأنها ضمان تزويد السوق الوطنية بما تحتاجه من مركبات وبالخصوصية المطلوبة في حماية المواطن والاقتصاد الوطني،
والحكومة قامت بإعادة بعث الملف بما يخدم الصالح العام ويؤسس لصناعة حقيقية للسيارات على اعتبار أن الترخيص بالاستيراد مشروط بإنشاء وحدات إنتاجية بنسبة إدماج عالية في المستقبل وهنا أشير إلى أن المناخ الاستثماري سيكون مهيئا بجملة النصوص القانونية التي تعمل الحكومة بمختلف قطاعاتها على إعدادها وإصدارها بالتشاور مع جميع الشركاء، لان اللجنة المكلفة بدراسة الخيار توصلت إلى صعوبة تحقيق الاهداف الاستراتيجية للدولة ببناء قاعدة صناعية بالتزامن مع فتح السوق الوطنية على منتجات مستعملة يتم استيرادها من قبل المواطن مباشرة .
11. عرفت الجزائر مؤخرا تسجيل أولى حالات السلالة البريطانية المتحورة لفيروس كورونا.. المواطنون متخوفون من عودة فرض الحجر المنزلي المشدد.. ماذا تقولون للرأي العام في هذا الخصوص؟
من هذا المنبر نجدد دعوتنا لكافة المواطنين بضرورة الإلتزام والتقيد التام بإجراءات الوقاية و السلامة مع الأخد بكافة الإحتياطات اللازمة لتفادي انتشار الفيروس مرة أخرى أما بالنسبة لسؤالكم حول عودة فرض الحجر المنزلي المشدد، فالأمر هنا يتعلق بقرار اللجنة العلمية وما تصدره من قرارات في هذا الخصوص فهي الهيئة الوحيدة المخولة باتخاد مثل هذه القرارات التي تكون دوما في صالح الوطن و المواطن.
12. تحذرون باستمرار من حرب إلكترونية تستهدف الجزائر.. البعض يقول بأن هنالك مبالغة في الأمر.. ما ردكم؟
الرهان اليوم يتعلق بالإعلام الرقمي والجزائر مستهدفة وتتعرض باستمرار لحرب الكترونية شرسة من طرف جهات تكن عداءا جهنميا للجزائر .
الجريمة الإلكترونية أخطر من الحروب التقليدية، التي تكون فيها ملامح وأهداف العدو واضحة، واستهداف الجزائر إلكترونياً خلال السنوات الأخيرة واضح ، حيث يتم التركيز على استهداف مؤسسات الدولة وعلى رأسها مؤسسة الجيش، ومحاولة غسل الأدمغة".
إن هذه الحملات المستمرة التي يقوم بها معارضون وناشطون يقيمون في الخارج هدفها واضح وهو زعزعة استقرار الجزائر فجل المواقع الالكترونية في الجزائر تتعرض للهجمات و الاختراقات الالكترونية، لكون " 85% من المواقع لا تتوفر على الحماية وأدوات التأمين التي يجب أن تتعدد بتعدد أساليب الجريمة الالكترونية".
بالتالي، فالحل لمواجهة هذه الوضعية يقتضي بناء ما يعرف بـ"سيادة سيبرانية" للدولة على فضائها الإلكتروني، وتأمين الشبكة الافتراضية تكريساً لسيادة الدولة على مجال الرقمنة، وإنتاج محتوى رقمي وطني
13. التقرير الذي قدمه المؤرخ بنجامان ستورا للرئيس الفرنسي أثار انتقادات واسعة في الجزائر.. ما موقفكم الرسمي أولا من هذا التقرير؟ وهل يمكن أن نقول أن مسعى مصالحة الذاكرة بين البلدين فشل قبل أن يبدأ وهو غير قابل للتحقق حاليا أمام تمسك الطرف الفرنسي بنظرته الأحادية التي تساوي بين الضحية والجلاد؟
ملف الذاكرة يعالج حاليا على مستوى عال من الدولتين الجزائرية والفرنسية بعيدا عن لوبيات الجزائر-فرنسية والجنة الضائعة كما قال السيد رئيس الجمهورية وأيضا بعيدا عن الشعبوية.
أما تقرير بنجامين ستورا فهو يعني الفرنسيون وحدهم وأن ستورا معين من قبل الرئيس الفرنسي.
ومع الوقت ستظهر نتائج العمل الذي ستقوم به الجزائر في هذا الملف.
14. هناك أصوات في الجزائر وفي تونس تطرح فكرة إعادة إحياء الاتحاد المغاربي ليكون ثلاثيا أو رباعيا بين الجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا دون المغرب الذي فضّل التحالف مع الكيان الإسرائيلي؟ ما رأيكم في هذا الطرح؟
رغم الأخطاء السياسية الخطيرة التي ارتكبها نظام المخزن، إلا أن المغرب الشقيق بشعبه الأصيل لا يزال يشكل وحدة أساسية من دول إتحاد المغرب العربي، والذي بدونه لن يكتمل هذا الصرح المغاربي شأنه في ذلك شأن تونس، ليبيا، موريطانيا والصحراء الغربية.
أملنا كبير في الشعب المغربي الشقيق بأن يغير هذه الخطيئة السياسية التي ارتكبها نظام المخزن بتحالفه مع نظام وكيان عنصري مغتصب و محتل لأرض عربية ويقوم على عداوة تاريخية للأمة العربية و الإسلامية.
15. كلمة أخيرة
في الأخير أشكركم على هذه الفرصة وأجدّد دعوتي للشعب الجزائري الوفي لمبادئه النوفمبرية لاستغلال فرص البناء و التشييد، وأتوجه بالنداء إلى كل غيور على الوطن، بالإلتفاف حول القضايا العادلة والتأسيس للجزائر التي يحلم ويرغب بها الشعب الجزائري.
حتى ولو اختلفنا في الرأي والقناعات فلابد أن نجعل من مصلحة البلد أولوية الأولويات.