ننشر لكم خطبتي الجمعة من جامع الجزائر بعنوان فضائل الحج

ننشر لكم خطبتي الجمعة من جامع الجزائر بعنوان فضائل الحج

حمزة بعوش

الخطبة الأولى:

الحمد لله الذي أقام دينه الحنيف على الشعائر، دعا عباده لحج بيته فلبّوه رجالا وعلى كل ضامر، وأنالهم يوم الموقف ما رجوه بمغفرة الكبائر والصغائر، أحمده سبحانه على فضله الغامر، وخيره المتكاثر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المكرم من عباده ذوي الأبصار والبصائر، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله المبعوث بالبشائر، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه إلى يوم تبلى السرائر، أما بعد: معاشر المؤمنين أوصيكم بتقوى الله تعالى في السر والظاهر، فقد قال عز من قائل: {وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ اَ۬لزَّادِ اِ۬لتَّقْو۪يٰۖ وَاتَّقُونِ يَٰٓأُوْلِے اِ۬لَالْبَٰبِۖ}


عباد الله: إن من أحب ما يتقرب به العبد إلى مولاه في هذه الأيام؛ أن ينتظم في عِقد من يرحل لأداء فريضة الحج إن استطاع إلى ذلك سبيلا، فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة ¢ قال: سُئل رسولُ الله: أيُّ العمل أفضل؟ قال: ((إيمانٌ بالله ورسوله))، قيل: ثمَّ ماذا؟ قال: ((الجهاد في سبيل الله))، قيل: ثم ماذا؟ قال: ((حجٌّ مَبرور))


وقد رتّب الشرع الحنيف على هذا الركن الركين أجرا عظيما، فقال النبي ‘: ((العُمرة إلى العمرة كفَّارة لِما بَينهما، والحجُّ المبرور ليس له جزاء إلَّا الجنة))


وهو سبب لتكفير السيئات ومحو الذنوب ومغفرة الخطيئات، فقد جاء في الحديث عن أبي هريرة ¢ قال: سمعتُ رسولَ اللَّه يقول: ((مَن حجَّ لله، فلَم يرفث ولم يَفسق، رجع كيَومَ ولدَتْه أمُّه))


ولا عجب أيها المؤمنون، فالحجاج ضيوف الرحمن، وهو الكريم سبحانه، يُفيض رحمته على من أجاب دعوته، ويكرم من زار بيته، فعن ابن عمر ƒ، عن النبيِّ قال: ((الغازِي في سبيل الله، والحاجُّ، والمعتمِر: وَفدُ الله؛ دعاهم فأجابوه، وسألُوه فأعطاهم))، وفي رواية: ((الحُجَّاج والعمَّار وَفد الله؛ إن دعَوه أجابهم، وإن استغفَروه غفرَ لهم))

وإن المرء حين يرى الحجاج يسيرون بالملايين إلى صعيد عرفات، ثم مزدلفة؛ وصولا إلى منى لرمي الجمرات، أو يرى الطواف حول البيت الحرام في جميع ساعات الليل والنهار؛ ويبصرهم وهم يُلبّون ويتضرعون ويبكون ويدْعون، قد اختلفت ألسنتهم، وتوحدت قلوبهم، فإن هذا المشهد المهيب يزيد من تعظيم الله تعالى في القلوب، بل ويعظم شعائر الله في النفوس، والله تعالى يقول: {ذَٰلِكَۖ وَمَنْ يُّعَظِّمْ شَعَٰٓئِرَ اَ۬للَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَي اَ۬لْقُلُوبِۖ}.


والحج سبب لتقوية روابط الأخوة والوحدة بين المسلمين، فاجتماع الحجاج الميامين على اختلاف ألسِنَتهم وألوانِهم وأوطانهم، يقفون في صعيدٍ واحد، ويتوجهون لبيت واحد، ويَدْعون ربًّا واحدًا، ويلبُّون بشعار واحد، وهم يلبسون الإزار والرداء الأبيض، قد تجردوا لطاعة الله ورضوانه؛ كما تجردوا من ثيابهم وما يملكون، يتوجَّهون لبيتٍ واحد، توحَّدت بفضل الله أهدافهم، واتفقت غاياتهم، وتوثقت في أقدس مكان رابطتهم، وليستشعر كل من حضر هذا الموقف معنى الانتماء إلى أمة حبيبنا وسيدنا محمد ‘، فقد قال رسول الله: ((مَثَل المؤمنين في توادِّهم وتعاطفِهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضوٌ، تداعى له سائر الأعضاء بالحمَّى والسَّهر)) ؛ ، وقال: ((المسلمون تَتكافأ دماؤهم، ويَسعى بذمَّتهم أدناهم، وهم يدٌ على مَن سواهم)).


لَكَ الدينُ يا رَبَّ الحَجيجِ جَمَعتَهُم


 




لِبَيتٍ طَهورِ السّاحِ وَالعَرَصاتِ


 

أَرى الناسَ أَصنافاً وَمِن كُلِّ بُقعَةٍ


 




إِلَيكَ اِنتَهَوا مِن غُربَةٍ وَشَتاتِ


 

تَساوَوا فَلا الأَنسابُ فيها تَفاوُتٌ


 




لَدَيكَ وَلا الأَقدارُ مُختَلِفاتِ


 

إنها محطات تستوجب منا أن نقف عندها مليّا، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول للناس في حجة الوداع: ((قفوا على مَشاعِركم؛ فإنَّكم على إرثٍ من إرث أبيكم إبراهيم)).


اللهم وفق حجاجنا الميامين لإتمام مناسكهم، وتقبل منهم حجتهم، واغسل حوبتهم، وأعدهم إلى أهليهم سالمين غانمين، إنك جواد كريم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إن ربي غفور رحيم.


الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشانه، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته وإخوانه، ألا واتقوا الله عباد الله حق التقوى، وراقبوه في السر والنجوى.


أيها المؤمنون، قد انطلقت في بحر هذا الأسبوع بفضل الله قوافل الحجيج من بلادنا ، وقد وفرت الدولة كافة الإمكانات لإنجاح هذه الرحلة المباركة، فالحاج محاط بأنواع الرعاية الدينية والصحية، ليؤدي مناسكه في أفضل الظروف وأيسرها، فليكن حجاجنا خير سفراء لبلدهم، وليلينوا بأيدي إخوانهم؛ من مختلف الجنسيات، وليصبروا وليتصبّروا، وليرُوا الله من أنفسهم خيرا، وليتزينوا بالأخلاق الحسنة الكريمة، ولا يفسدوا حجهم بما يهدم أركانه؛ وينقض بنيانه، فقد قال ربنا جل وعلا: {اِ۬لْحَجُّ أَشْهُرٞ مَّعْلُومَٰتٞۖ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ اَ۬لْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِے اِ۬لْحَجِّۖ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٖ يَعْلَمْهُ اُ۬للَّهُۖ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ اَ۬لزَّادِ اِ۬لتَّقْو۪يٰۖ وَاتَّقُونِ يَٰٓأُوْلِے اِ۬لَالْبَٰبِۖ }.


وليعلموا رحمهم الله أن الله قد اصطفاهم لهذه الرحلة وأجل غيرهم، فليعرِفوا نعمة الله عليهم، فإن أُناسا قد حيل بينهم وبين الوصول إلى تلك البقاع الطاهرة؛ يودون لو أنهم يفتدون بكل ما يملكون ذهابهم، لسان حالهم:


:يا راحلين إلى البيت الحرام لقد





سرتم جسوما وسرنا نحن أرواحا


إنا أقمنا على عذر نكابده





ومن أقام على عذر كمن راحا


وليذكر الحجاج بلدهم وأهليهم وأرحامهم من صالح دعواتهم، وليخُصّوا إخوانهم المظلومين في فلسطين بالدعاء لعل الله يفرج عنهم بنصر قريب، وأما من لم يقدر على الحج، فإننا نبشره بأن الأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى، فاعقدوا النية يؤتكم الله خيرا، فقد جعل الله في صلواتكم وصدقاتكم وإحسانكم أجورا تضاهي أجر الحج والعمرة، كما جاء في حديث النبي ‘: ((مَن صلَّى الفجرَ في جماعة، ثمَّ قعد يذكر اللهَ حتى تطلع الشمس، ثمَّ صلَّى ركعتين، كانت له كأجر حجَّة وعمرة تامَّة، تامَّة، تامَّة))


اللهم وفق حجاجنا الميامين، واجعل حجهم مبرورا، وسعيهم مشكورا، ورُدّهم سالمين غانمين برحمتك يا أرحم الراحمين.


اللهم احفظ بلدنا الجزائر من كل سوء، وسائر بلاد المسلمين، اللهم إنا نسألك الأمن في البلد والعافية في الجسد، والإصلاح في الولد، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، برحمتك يا عزيز يا غفار.


اللهم انصر إخواننا المرابطين في أكناف بيت المقدس نصرا مؤزرا يا أرحم الراحمين.


ثم صلوا رحمكم الله على سيدنا محمد الذي أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال: {اِنَّ اَ۬للَّهَ وَمَلَٰٓئِكَتَهُۥ يُصَلُّونَ عَلَي اَ۬لنَّبِےٓءِۖ يَٰٓأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماًۖ}.


اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد.


عباد الله{إِنَّ اَ۬للَّهَ يَامُرُ بِالْعَدْلِ وَالِاحْسَٰنِ وَإِيتَآءِےْ ذِے اِ۬لْقُرْب۪يٰ وَيَنْه۪يٰ عَنِ اِ۬لْفَحْشَآءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِۖ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَّكَّرُونَۖ ٩٠} فاذكروااللهيذكركمواشكروهيزدكم،{وَلَذِكْرُ اُ۬للَّهِ أَكْبَرُۖ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَۖ }.


يغفر الله لي ولكم وهو الغفور الرحيم.

مواضيع مشابهة

الرئيس تبون يأمر بتمكين 2000 مواطن من أداء الحج هذا العام .. وهؤلاء هم المعنيون؟

الرئيس تبون يأمر بتمكين 2000 مواطن من أداء الحج هذا العام .. وهؤلاء هم المعنيون؟

وزير الشؤون الدينية يكشف سبب ارتفاع تكلفة الحج هذا الموسم

وزير الشؤون الدينية يكشف سبب ارتفاع تكلفة الحج هذا الموسم

السعودية تقرر رفع عدد حجاج هذا العام إلى مليون حاجا

السعودية تقرر رفع عدد حجاج هذا العام إلى مليون حاجا

وزير الشؤون الدينية: اول مرة يرتفع عدد الحجاج الي 40 الف حاج

وزير الشؤون الدينية: اول مرة يرتفع عدد الحجاج الي 40 الف حاج

هذه هي تكلفة الحج الرسمية لهذا الموسم !!

هذه هي تكلفة الحج الرسمية لهذا الموسم !!